القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة الفجر
وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) (الفجر) 

قَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيث أَنَّ الْوَتْر يَوْم عَرَفَة لِكَوْنِهِ التَّاسِع وَأَنَّ الشَّفْع يَوْم النَّحْر لِكَوْنِهِ الْعَاشِر وَقَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة وَالضَّحَّاك أَيْضًا " قَوْل ثَانٍ " وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد الْأَشَجّ حَدَّثَنِي عُقْبَة بْن خَالِد عَنْ وَاصِل بْن السَّائِب قَالَ سَأَلْت عَطَاء عَنْ قَوْله تَعَالَى " وَالشَّفْع وَالْوَتْر" قُلْت صَلَاتنَا وَتْرنَا هَذَا ؟ قَالَ لَا وَلَكِنَّ الشَّفْع يَوْم عَرَفَة وَالْوَتْر لَيْلَة الْأَضْحَى " قَوْل ثَالِث " قَالَهُ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَامِر بْن إِبْرَاهِيم الْأَصْبَهَانِيّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ النُّعْمَان يَعْنِي اِبْن عَبْد السَّلَام عَنْ أَبِي سَعِيد بْن عَوْف حَدَّثَنِي بِمَكَّةَ قَالَ سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر يَخْطُب النَّاس فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُل فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي عَنْ " الشَّفْع وَالْوَتْر " فَقَالَ" الشَّفْع " قَوْل اللَّه تَعَالَى " فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ " " وَالْوَتْر " قَوْله تَعَالَى " وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ " وَقَالَ اِبْن جُرَيْج أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن الْمُرْتَفِع أَنَّهُ سَمِعَ اِبْن الزُّبَيْر يَقُول " الشَّفْع" أَوْسَط أَيَّام التَّشْرِيق " وَالْوَتْر " آخِر أَيَّام التَّشْرِيق. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَة وَتِسْعِينَ اِسْمًا مِائَة إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّة وَهُوَ وِتْر يُحِبّ الْوِتْر " " قَوْل رَابِع " قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَزَيْد بْن أَسْلَم الْخَلْق كُلّهمْ شَفْع وَوَتْر أَقْسَمَ تَعَالَى بِخَلْقِهِ وَهُوَ رِوَايَة عَنْ مُجَاهِد وَالْمَشْهُور عَنْهُ الْأَوَّل وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَالشَّفْع وَالْوَتْر " قَالَ اللَّه وِتْر وَاحِد وَأَنْتُمْ شَفْع وَيُقَال الشَّفْع صَلَاة الْغَدَاة وَالْوَتْر صَلَاة الْمَغْرِب . " قَوْل خَامِس " قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد الْأَشَجّ حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيل عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ مُجَاهِد " وَالشَّفْع وَالْوَتْر " قَالَ الشَّفْع الزَّوْج وَالْوَتْر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ أَبُو عَبْد اللَّه عَنْ مُجَاهِد : اللَّه الْوَتْر وَخَلْقه الشَّفْع الذَّكَر وَالْأُنْثَى وَقَالَ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد قَوْله " وَالشَّفْع وَالْوَتْر " كُلّ شَيْء خَلَقَهُ اللَّه شَفْع السَّمَاء وَالْأَرْض وَالْبَرّ وَالْبَحْر وَالْجِنّ وَالْإِنْس وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَنَحْو هَذَا وَنَحَا مُجَاهِد فِي هَذَا مَا ذَكَرُوهُ فِي قَوْله تَعَالَى " وَمِنْ كُلّ شَيْء خَلْقنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " أَيْ لِتَعْلَمُوا أَنَّ خَالِق الْأَزْوَاج وَاحِد " قَوْل سَادِس " قَالَ قَتَادَة عَنْ الْحَسَن " وَالشَّفْع وَالْوَتْر" هُوَ الْعَدَد مِنْهُ شَفْع وَمِنْهُ وَتْر . " قَوْل سَابِع فِي الْآيَة الْكَرِيمَة " رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَابْن جَرِير مِنْ طَرِيق اِبْن جُرَيْج ثُمَّ قَالَ اِبْن جَرِير وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَر يُؤَيِّد الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ اِبْن الزُّبَيْر حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي زِيَاد الْقَطَوَانِيّ حَدَّثَنَا زَيْد بْن الْحُبَاب أَخْبَرَنِي عَيَّاش بْن عُقْبَة حَدَّثَنِي خَيْر بْن نُعَيْم عَنْ أَبِي الزُّبَيْر عَنْ جَابِر أَنَّ رَسُول اللَّه قَالَ " الشَّفْع " الْيَوْمَانِ " وَالْوَتْر " الْيَوْم الثَّالِث" هَكَذَا وَرَدَ هَذَا الْخَبَر بِهَذَا اللَّفْظ وَهُوَ مُخَالِف لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ اللَّفْظ فِي رِوَايَة أَحْمَد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أَبِي حَاتِم وَمَا رَوَاهُ هُوَ أَيْضًا وَاَللَّه أَعْلَم . قَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَغَيْرهمَا هِيَ الصَّلَاة مِنْهَا شَفْع كَالرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّنَائِيَّة وَمِنْهَا وِتْر كَالْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا ثَلَاث وَهِيَ وِتْر النَّهَار وَكَذَلِكَ صَلَاة الْوِتْر فِي آخِر التَّهَجُّد مِنْ اللَّيْل . وَقَدْ قَالَ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ قَتَادَة عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْن " وَالشَّفْع وَالْوَتْر " قَالَ هِيَ الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة مِنْهَا شَفْع وَمِنْهَا وَتْر وَهَذَا مُنْقَطِع وَمَوْقُوف وَلَفْظه خَاصّ بِالْمَكْتُوبَةِ. وَقَدْ رُوِيَ مُتَّصِلًا مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَفْظه عَامّ . قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد هُوَ الطَّيَالِسِيّ حَدَّثَنَا هَمَّام عَنْ قَتَادَة عَنْ عِمْرَان بْن عِصَام أَنَّ شَيْخًا حَدَّثَهُ مِنْ أَهْل الْبَصْرَة عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْن أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ " الشَّفْع وَالْوَتْر " فَقَالَ " هِيَ الصَّلَاة بَعْضهَا شَفْع وَبَعْضهَا وِتْر " هَكَذَا وَقَعَ فِي الْمُسْنَد وَكَذَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير عَنْ بُنْدَار عَنْ عَفَّان وَعَنْ أَبِي كُرَيْب عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى كِلَاهُمَا عَنْ هَمَّام وَهُوَ اِبْن يَحْيَى عَنْ قَتَادَة عَنْ عِمْرَان بْن عِصَام عَنْ شَيْخ عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْن وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ عَنْ عَمْرو بْن عَلِيّ عَنْ اِبْن مَهْدِيّ وَأَبِي دَاوُد كِلَاهُمَا عَنْ هَمَّام عَنْ قَتَادَة عَنْ عِمْرَان بْن عِصَام عَنْ رَجُل مِنْ أَهْل الْبَصْرَة عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْن بِهِ ثُمَّ قَالَ غَرِيب لَا نَعْرِفهُ إِلَّا مِنْ حَدِيث قَتَادَة وَقَدْ رَوَاهُ خَالِد بْن قَيْس أَيْضًا عَنْ قَتَادَة وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِمْرَان بْن عِصَام عَنْ عِمْرَان نَفْسه وَاَللَّه أَعْلَم " قُلْت " وَرَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سِنَان الْوَاسِطِيّ حَدَّثَنَا يَزِيد بْن هَارُون أَخْبَرَنَا هَمَّام عَنْ قَتَادَة عَنْ عِمْرَان بْن عِصَام الضُّبَعِيّ شَيْخ مِنْ أَهْل الْبَصْرَة عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْن عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ هَكَذَا رَأَيْته فِي تَفْسِيره فَجَعَلَ الشَّيْخ الْبَصْرِيّ هُوَ عِمْرَان بْن عِصَام . وَهَكَذَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير أَخْبَرَنَا نَصْر بْن عَلِيّ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنِي خَالِد بْن قَيْس عَنْ قَتَادَة عَنْ عِمْرَان بْن عِصَام عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْن عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي " الشَّفْع وَالْوَتْر " قَالَ " هِيَ الصَّلَاة مِنْهَا شَفْع وَمِنْهَا وَتْر " فَأَسْقَطَ ذِكْر الشَّيْخ الْمُبْهَم وَتَفَرَّدَ بِهِ عِمْرَان بْن عِصَام الضُّبَعِيّ أَبُو عُمَارَة الْبَصْرِيّ إِمَام مَسْجِد بَنِي ضُبَيْعَة وَهُوَ وَالِد أَبِي جَمْرَة نَصْر بْن عِمْرَان الضُّبَعِيّ رَوَى عَنْهُ قَتَادَة وَابْنه أَبُو جَمْرَة وَالْمُثَنَّى بْن سَعِيد وَأَبُو التَّيَّاح يَزِيد بْن حُمَيْد وَذَكَرَهُ اِبْن حِبَّان فِي كِتَاب الثِّقَات وَذَكَرَهُ خَلِيفَة بْن خَيَّاط فِي التَّابِعِينَ مِنْ أَهْل الْبَصْرَة وَكَانَ شَرِيفًا نَبِيلًا حَظِيًّا عِنْد الْحَجَّاج بْن يُوسُف ثُمَّ قَتَلَهُ يَوْم الرَّاوِيَة سَنَة ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ لِخُرُوجِهِ مَعَ اِبْن الْأَشْعَث وَلَيْسَ لَهُ عِنْد التِّرْمِذِيّ سِوَى هَذَا الْحَدِيث الْوَاحِد وَعِنْدِي أَنَّ وَقْفه عَلَى عِمْرَان بْن حُصَيْن أَشْبَه وَاَللَّه أَعْلَم . وَلَمْ يَجْزِم اِبْن جَرِير بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَال فِي " الشَّفْع وَالْوَتْر " .
كتب عشوائيه
- رسالة إلى طالب نجيبرسالة إلى طالب نجيب: قال المؤلف - حفظه الله -: «فبينما كنت أُقلِّب أوراقًا قديمةً وجدتُ من بينها صورةً لرسالة كتبتها منذ فترةٍ لطالبٍ نجيبٍ. وعندما اطَّلعتُ على تلك الرسالة بدا لي أن تُنشر؛ رجاء عموم النفع، ولقلة الرسائل التي تُوجّه إلى الطلاب النُّجَباء. فها هي الرسالة مع بعض التعديلات اليسيرة، أُوجِّهها لإخواني الطلاب سائلاً المولى أن ينفع بها، ويجعلها في موازين الحسنات يوم نلقاه».
المؤلف : محمد بن إبراهيم الحمد
الناشر : موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/355727
- عثرات الطريقعثرات الطريق : فإن الطريق إلى الدار الآخرة طويلة وشاقة.. لا تخلو من عثرة وغفلة.. ومن تأخر وزلة.. ولكل مسلم ومسلمة عثرة يعقبها استغفار وتوبة ورجوع وأوبة.. من عثرات الطريق إهمال الطاعات وإضاعة النوافل وإتيان المحرمات والمكروهات.. وعلم على ذلك.. إضاعة الأعمار والأوقات. والعثرات قلت أو كثرت تكون هاوية يصعب صعودها والخروج منها على من لم يتجهز ويستعد ويستنفد الوسع.. وربما تكون هذه العثرات فاتحة خير وطريق توبة.. وبداية انطلاقة للوصول إلى النهاية.. هناك حيث تغرب شمس الدنيا ويبدأ إشراق الآخرة.. في جنات عدن وروح وريحان. وفي هذه الرسالة بيان بعض العثرات مع كيفية علاجها.
المؤلف : عبد الملك القاسم
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/228771
- المناهل الحسان في دروس رمضانالمناهل الحسان في دروس رمضان: قال المؤلف - رحمه الله -: « فبما أن صيام شهر رمضان، الذي هو أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام فريضة مُحكمة، كتبها الله على المسلمين كما كتبها على الذين من قبلهم من الأمم السابقة، والأجيال الغابرة تحقيقاً لمصالحهم وتهذيباً لنفوسهم لينالوا من ثمرة التقوى ما يكون سبباً للفوز برضا ربهم، وحلول دار المقامة. وحيث أني أرى أن الناس في حاجة إلى تبيين أحكام الصيام، والزكاة، وصدقة الفطر، وصدقة التطوع، وقيام رمضان، وأنهم في حاجة إلى ذكر طرف من آداب تلاوة القرآن ودروسه، والحث على قراءته، وأحكام المساجد، والاعتكاف، فقد جمعت من كُتب الحديث والفقه ما رأيت أنه تتناسب قراءته مع عموم الناس، يفهمه الكبير والصغير، وأن يكون جامعاً لكثيرٍ من أحكام ما ذُكر، ووافياً بالمقصود، وقد اعتنيت حسب قدرتي ومعرفتي بنقل الحكم والدليل أو التعليل أو كليهما وسميته: "المناهل الحسان في دروس رمضان ».
المؤلف : عبد العزيز بن محمد السلمان
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2583
- من أخلاق الأنبياء عليهم السلاممن أخلاق الأنبياء عليهم السلام : قال فضيلة الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - « فقد قرأ ُت الرِّسالة التي بعنوان من أخلاق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تأليف الشيخ: عبدالعزيز بن محمَّد بن عبدالله السدحان، فوجدتها رسالة مفيدة في موضوعها، جيِّدة في عرضها وأسلوبها، تحث على الاقتداء بالأنبياء ... ».
المؤلف : عبد العزيز بن محمد السدحان
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/233555
- الأثر التربوي للمسجدالأثر التربوي للمسجد : إن دور المسجد في الواقع جزء متكامل مع أدوار المؤسسات الأخرى في المجتمع، فتنطلق منه لتمارس أنشطتها من خلاله مغزولة ومتداخلة في النسيج الذي يكون حياة المجتمع، وهذه المحاضرة توضح أثرًا من آثار المسجد المباركة.
المؤلف : صالح بن غانم السدلان
الناشر : موقع الإسلام http://www.al-islam.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/144873