القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة المجادلة

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22) (المجادلة) mp3
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " لَا تَجِد قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر يُوَادُّونَ مَنْ حَادّ اللَّه وَرَسُوله وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانهمْ أَوْ عَشِيرَتهمْ" أَيْ لَا يُوَادُّونَ الْمُحَادِّينَ وَلَوْ كَانُوا مِنْ الْأَقْرَبِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى " لَا يَتَّخِذ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّه فِي شَيْء إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاة وَيُحَذِّركُمْ اللَّه نَفْسه " الْآيَة وَقَالَ تَعَالَى " قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانكُمْ وَأَزْوَاجكُمْ وَعَشِيرَتكُمْ وَأَمْوَال اِقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَة تَخْشَوْنَ كَسَادهَا وَمَسَاكِن تَرْضَوْنَهَا أَحَبّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّه وَرَسُوله وَجِهَاد فِي سَبِيله فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِي اللَّه بِأَمْرِهِ وَاَللَّه لَا يَهْدِي الْقَوْم الْفَاسِقِينَ " وَقَدْ قَالَ سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز وَغَيْره أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة" لَا تَجِد قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر " إِلَى آخِرهَا فِي أَبِي عُبَيْدَة عَامِر بْن عَبْد اللَّه بْن الْجَرَّاح حِين قَتَلَ أَبَاهُ يَوْم بَدْر وَلِهَذَا قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حِين جَعَلَ الْأَمْر شُورَى بَعْده فِي أُولَئِكَ السِّتَّة وَلَوْ كَانَ أَبُو عُبَيْدَة حَيًّا لَاسْتَخْلَفْته وَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى " وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ " نَزَلَتْ فِي أَبِي عُبَيْده قَتَلَ أَبَاهُ يَوْم بَدْر " أَوْ أَبْنَاءَهُمْ " فِي الصِّدِّيق هُمْ يَوْمئِذٍ بِقَتْلِ اِبْنه عَبْد الرَّحْمَن " أَوْ إِخْوَانهمْ" فِي مُصْعَب بْن عُمَيْر قَتَلَ أَخَاهُ عُبَيْد بْن عُمَيْر يَوْمئِذٍ" أَوْ عَشِيرَتهمْ " فِي عُمَر قَتَلَ قَرِيبًا لَهُ يَوْمئِذٍ أَيْضًا وَفِي حَمْزَة وَعَلِيّ وَعُبَيْدَة بْن الْحَارِث قَتَلُوا عُتْبَة وَشَيْبَة وَالْوَلِيد بْن عُتْبَة يَوْمئِذٍ فَاَللَّه أَعْلَم " قُلْت" وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل حِين اِسْتَشَارَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَسَارَى بَدْر فَأَشَارَ الصِّدِّيق بِأَنْ يُفَادُوا فَيَكُون مَا يُؤْخَذ مِنْهُمْ قُوَّة لِلْمُسْلِمِينَ وَهُمْ بَنُو الْعَمّ وَالْعَشِيرَة وَلَعَلَّ اللَّه تَعَالَى أَنْ يَهْدِيهِمْ وَقَالَ عُمَر لَا أَرَى مَا رَأَى يَا رَسُول اللَّه هَلْ تُمَكِّننِي مِنْ فُلَان قَرِيب لِعُمَر فَأَقْتُلهُ وَتُمَكِّن عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ وَتُمَكِّن فُلَانًا مِنْ فُلَان لِيَعْلَم اللَّه أَنَّهُ لَيْسَتْ فِي قُلُوبنَا مُوَادَّة لِلْمُشْرِكِينَ الْقِصَّة بِكَمَالِهَا. وَقَوْله تَعَالَى " أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبهمْ الْإِيمَان وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ " أَيْ مَنْ اِتَّصَفَ بِأَنَّهُ لَا يُوَادّ مَنْ حَادّ اللَّه وَرَسُوله وَلَوْ كَانَ أَبَاهُ أَوْ أَخَاهُ فَهَذَا مِمَّنْ كَتَبَ اللَّه فِي قَلْبه الْإِيمَان أَيْ كَتَبَ لَهُ السَّعَادَة وَقَرَّرَهَا فِي قَلْبه وَزَيَّنَ الْإِيمَان فِي بَصِيرَته قَالَ السُّدِّيّ " كَتَبَ فِي قُلُوبهمْ الْإِيمَان " جَعَلَ فِي قُلُوبهمْ الْإِيمَان وَقَالَ اِبْن عَبَّاس " وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ " أَيْ قَوَّاهُمْ . وَقَوْله تَعَالَى " وَيُدْخِلهُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ " كُلّ هَذَا تَقَدَّمَ تَفْسِيره غَيْر مَرَّة وَفِي قَوْله تَعَالَى " رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ " سِرّ بَدِيع وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا سَخِطُوا عَلَى الْقَرَائِب وَالْعَشَائِر فِي اللَّه تَعَالَى عَوَّضَهُمْ اللَّه بِالرِّضَا عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ عَنْهُ بِمَا أَعْطَاهُمْ مِنْ النَّعِيم الْمُقِيم وَالْفَوْز الْعَظِيم وَالْفَضْل الْعَمِيم وَقَوْله تَعَالَى" أُولَئِكَ حِزْب اللَّه أَلَا إِنَّ حِزْب اللَّه هُمْ الْمُفْلِحُونَ" أَيْ هَؤُلَاءِ حِزْب اللَّه أَيْ عِبَاد اللَّه وَأَهْل كَرَامَته وَقَوْله تَعَالَى " أَلَا إِنَّ حِزْب اللَّه هُمْ الْمُفْلِحُونَ " تَنْوِيه بِفَلَاحِهِمْ وَسَعَادَتهمْ وَنُصْرَتهمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فِي مُقَابَلَة مَا ذُكِرَ عَنْ أُولَئِكَ بِأَنَّهُمْ حِزْب الشَّيْطَان ثُمَّ قَالَ " أَلَا إِنَّ حِزْب الشَّيْطَان هُمْ الْخَاسِرُونَ " وَقَدْ قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا هَارُون بْن حُمَيْد الْوَاسِطِيّ حَدَّثَنَا الْفَضْل بْن عَنْبَسَة عَنْ رَجُل قَدْ سَمَّاهُ فَقَالَ هُوَ عَبْد الْحَمِيد بْن سُلَيْمَان - اِنْقَطَعَ مِنْ كِتَابِي - عَنْ الذَّيَّال بْن عَبَّاد قَالَ : كَتَبَ أَبُو حَازِم الْأَعْرَج إِلَى الزُّهْرِيّ : اِعْلَمْ أَنَّ الْجَاه جَاهَانِ : جَاه يُجْرِيه اللَّه تَعَالَى عَلَى أَيْدِي أَوْلِيَائِهِ لِأَوْلِيَائِهِ وَأَنَّهُمْ الْخَامِل ذِكْرهمْ الْخَفِيَّة شُخُوصهمْ وَلَقَدْ جَاءَتْ صِفَتهمْ عَلَى لِسَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ اللَّه يُحِبّ الْأَخْفِيَاء الْأَتْقِيَاء الْأَبْرِيَاء الَّذِينَ إِذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا وَإِذَا حَضَرُوا لَمْ يَدَعُوا قُلُوبهمْ مَصَابِيح الْهُدَى يَخْرُجُونَ مِنْ كُلّ فِتْنَة سَوْدَاء مُظْلِمَة " فَهَؤُلَاءِ أَوْلِيَاء اللَّه تَعَالَى الَّذِينَ قَالَ اللَّه " أُولَئِكَ حِزْب اللَّه أَلَا إِنَّ حِزْب اللَّه هُمْ الْمُفْلِحُونَ " وَقَالَ نُعَيْم بْن حَمَّاد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر عَنْ يُونُس عَنْ الْحَسَن قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اللَّهُمَّ لَا تَجْعَل لِفَاجِرٍ وَلَا لِفَاسِقٍ عِنْدِي يَدًا وَلَا نِعْمَة فَإِنِّي وَجَدْت فِيمَا أَوْحَيْته إِلَيَّ " لَا تَجِد قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر يُوَادُّونَ مَنْ حَادّ اللَّه وَرَسُوله" قَالَ سُفْيَان يَرَوْنَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيمَنْ يُخَالِط السُّلْطَان. رَوَاهُ أَبُو أَحْمَد الْعَسْكَرِيّ . آخِر تَفْسِير سُورَة الْمُجَادَلَة وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة .

كتب عشوائيه

  • بغية الإنسان في وظائف رمضانبغية الإنسان في وظائف رمضان : هذا الكتاب يحتوي على عدة مجالس: المجلس الأول : في فضل الصيام. المجلس الثاني : في فضل الجود في رمضان وتلاوة القرآن. المجلس الثالث : في ذكر العشر الأوسط من شهر رمضان وذكر نصف الشهر الأخير. المجلس الرابع : في ذكر العشر الأواخر من رمضان. المجلس الخامس : في ذكر السبع الأواخر من رمضان. المجلس السادس : وداع رمضان.

    المؤلف : ابن رجب الحنبلي

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/231269

    التحميل :

  • الدرة في سنن الفطرةفي هذه الرسالة بيان سنن الفطرة.

    المؤلف : عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/209151

    التحميل :

  • هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة؟هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة ؟: هذه الرسالة من أنفس ما كُتِبَ عن الإجتهاد والتقليد، وسبب تأليفها هو ما ذكره المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ في مقدّمتها قائلاً: إنه كان ورد علي ّ سؤال من مسلمي اليابان من بلدة ( طوكيو ) و ( أوزاكا ) في الشرق الأقصى؛ حاصله: ما حقيقة دين الإسلام؟ ثم ما معنى المذهب؟ وهل يلزم على من تشرف بدين الإسلام أن يتمذهب على أحد المذاهب الأربعة؟ أي أن يكون مالكيا أو حنفيا, أو شافعيا, أو حنبليا, أو غيرها أو لا يلزم؟ لأنه قد وقع اختلاف عظيم ونزاع وخيم حينما أراد عدة أنفار من متنوّري الأفكار من رجال اليابان أن يدخلوا في دين الإسلام ويتشرفوا بشرف الإيمان فعرضوا ذلك على جمعية المسلمين الكائنة في طوكيو فقال جمع من أهل الهند ينبغي أن يختاروا مذهب الإمام أبي حنيفة لأنه سراج الأمة، وقال جمع من أهل أندونيسيا يلزم ان يكون شافعيا. فلما سمع اليابانيون كلامهم تعجبوا وتحيروا فيما قصدوا وصارت مسألة المذاهب سدا في سبيل إسلامهم، كانت الرسالة هي الجواب.

    المؤلف : محمد سلطان المعصومي الخجندي

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/204084

    التحميل :

  • قاعدة في الصبرقاعدة في الصبر: بدأ المؤلف - رحمه الله - هذه الرسالة ببيان أن الدين كله يرجع بجملته إلى أمرين هما: الصبر والشكر، واستدل لذلك بقوله تعالى: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } وبقوله - صلـى الله عليه وسلم -: { عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله عجب، لا يقضي الله لمؤمن قضاءً إلا كان خيراً له، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له،وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له }. ثم بين أن الصبر عموماً ينقسم إلى ثلاثة أقسام هي: أولاً: صبر على الطاعة حتى يفعلها. ثانياً: صبر عن المنهي عنه حتى لا يفعله. ثالثاً: الصبر على ما يصيبه بغير اختياره من المصائب. ثم بين أن المصائب نوعان: النوع الأول: نوع لا اختيار للخلق فيه، كالأمراض وغيرها من المصائب السماوية، وهذا النوع يسهل الصبر فيه لأن العبد يشهد فيه قضاء الله وقدره،وأنه لا مدخل للناس فيه فيصبر إما اضطراراً وإما اختياراً. والنوع الثاني: المصائب التي تحصل للعبد بفعل الناس، في ماله أو عرضه أو نفسه، وهذا النوع يصعب الصبر عليه جداً لأن النفس تستشعر المؤذي لها وهي تكره الغلبة فتطلب الانتقام، ولا يصبر على هذا النوع إلا النبيون والصديقون. وقد اقتصر كلام المصنف - رحمه الله - في بقية الرسالة على الأسباب التي تعين العبد على الصبر على المصائب التي تصيبه بفعل الناس، وذكر ذلك من عشرين وجهاً. وختم المصنف كلامه بالإشارة إلى الأصل الثاني وهو: الشكر وفسره بأنه العمل بطاعة الله واقتصر على ذلك وخلت الرسالة من تفصيل القول في ذلك، ولعل السبب في ذلك هو تصرف من أفرد الرسالة بالذكر وفصلها عن باقي التصنيف وإلا فالرسالة لها تتمة، ويشهد لذلك ما ذكره ابن رشيق في تعداده لمؤلفات ابن تيمية حيث قال: "قاعدة في الصبر والشكر. نحو ستين ورقة" فقد تصرف المختصر في العنوان واقتصر كذلك على ما كتب في موضوع الصبر فقط، ولم يكمل بقية الرسالة، والله أعلم.

    المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية

    الناشر : دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/344365

    التحميل :

  • قضية التكفير بين أهل السنة وفرق الضلال في ضوء الكتاب والسنةقضية التكفير بين أهل السنة وفرق الضلال في ضوء الكتاب والسنة: رسالة مختصرة في قضية التكفير بيَّن فيها المؤلف عقيدة أهل السنة والجماعة في هذه القضية العظيمة الخطيرة، وأوضح ردَّ أهل السنة على من خالفهم من الطوائف الضالَّة.

    المؤلف : سعيد بن علي بن وهف القحطاني

    الناشر : المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2046

    التحميل :

اختر التفسير

اختر سوره

كتب عشوائيه

اختر اللغة

المشاركه

Bookmark and Share