القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة النساء
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77) (النساء) 

كَانَ الْمُؤْمِنُونَ فِي اِبْتِدَاء الْإِسْلَام وَهُمْ بِمَكَّة مَأْمُورِينَ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَات النُّصُب وَكَانُوا مَأْمُورِينَ بِمُوَاسَاةِ الْفُقَرَاء مِنْهُمْ وَكَانُوا مَأْمُورِينَ بِالصَّفْحِ وَالْعَفْو عَنْ الْمُشْرِكِينَ وَالصَّبْر إِلَى حِين وَكَانُوا يَتَحَرَّقُونَ وَيَوَدُّونَ لَوْ أُمِرُوا بِالْقِتَالِ لِيَشْتَفُوا مِنْ أَعْدَائِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ الْحَال إِذْ ذَاكَ مُنَاسِبًا لِأَسْبَابٍ كَثِيرَة مِنْهَا قِلَّة عَدَدهمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كَثْرَة عَدَد عَدُوّهُمْ وَمِنْهَا كَوْنهمْ كَانُوا فِي بَلَدهمْ وَهُوَ بَلَد حَرَام وَأَشْرَف بِقَاعِ الْأَرْض فَلَمْ يَكُنْ الْأَمْر بِالْقِتَالِ فِيهِ اِبْتِدَاء كَمَا يُقَال فَلِهَذَا لَمْ يُؤْمَر بِالْجِهَادِ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ لَمَّا صَارَتْ لَهُمْ دَار وَمَنَعَة وَأَنْصَار وَمَعَ هَذَا لَمَّا أُمِرُوا بِمَا كَانُوا يَوَدُّونَهُ جَزِعَ بَعْضهمْ مِنْهُ وَخَافُوا مِنْ مُوَاجَهَة النَّاس خَوْفًا شَدِيدًا وَقَالُوا " رَبّنَا لِمَ كَتَبْت عَلَيْنَا الْقِتَال لَوْلَا أَخَّرْتنَا إِلَى أَجَل قَرِيب " أَيْ لَوْلَا أَخَّرْت فَرْضه إِلَى مُدَّة أُخْرَى فَإِنَّ فِيهِ سَفْك الدِّمَاء وَيُتْم الْأَوْلَاد وَتَأَيُّم النِّسَاء وَهَذِهِ الْآيَة كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَيَقُول الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَة فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَة مُحْكَمَة وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَال " الْآيَات . قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيز عَنْ أَبِي زُرْعَة وَعَلِيّ بْن رمحة قَالَا : حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الْحَسَن عَنْ الْحُسَيْن بْن وَاقِد عَنْ عَمْرو بْن دِينَار عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف وَأَصْحَابه أَتَوْا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّة فَقَالُوا : يَا نَبِيّ اللَّه كُنَّا فِي عِزَّة وَنَحْنُ مُشْرِكُونَ فَلَمَّا آمَنَّا صِرْنَا أَذِلَّة قَالَ " إِنِّي أُمِرْت بِالْعَفْوِ فَلَا تُقَاتِلُوا الْقَوْم " فَلَمَّا حَوَّلَهُ اللَّه إِلَى الْمَدِينَة أَمَرَهُ بِالْقِتَالِ فَكَفُّوا فَأَنْزَلَ اللَّه " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ " الْآيَة وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيث عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شَقِيق بِهِ وَقَالَ أَسْبَاط عَنْ السُّدِّيّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ إِلَّا الصَّلَاة وَالزَّكَاة فَسَأَلُوا اللَّه أَنْ يَفْرِض عَلَيْهِمْ الْقِتَال فَلَمَّا فَرَضَ عَلَيْهِمْ الْقِتَال " إِذَا فَرِيق مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاس كَخَشْيَةِ اللَّه أَوْ أَشَدّ خَشْيَة وَقَالُوا رَبّنَا لِمَ كَتَبْت عَلَيْنَا الْقِتَال لَوْلَا أَخَّرْتنَا إِلَى أَجَل قَرِيب " وَهُوَ الْمَوْت قَالَ اللَّه تَعَالَى " قُلْ مَتَاع الدُّنْيَا قَلِيل وَالْآخِرَة خَيْر لِمَنْ اِتَّقَى " وَقَالَ مُجَاهِد إِنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي الْيَهُود رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَقَوْله قُلْ مَتَاع الدُّنْيَا قَلِيل وَالْآخِرَة خَيْر لِمَنْ اِتَّقَى أَيْ آخِرَة الْمُتَّقِي خَيْر مِنْ دُنْيَاهُ " وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا " أَيْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ بَلْ تُوفُونَهَا أَتَمّ الْجَزَاء وَهَذِهِ تَسْلِيَة لَهُمْ عَنْ الدُّنْيَا وَتَرْغِيب لَهُمْ فِي الْآخِرَة وَتَحْرِيض لَهُمْ عَلَى الْجِهَاد . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِيّ حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن زَيْد عَنْ هِشَام قَالَ : قَرَأَ الْحَسَن " قُلْ مَتَاع الدُّنْيَا" قَلِيل قَالَ : رَحِمَ اللَّه عَبْدًا صَحِبَهَا عَلَى حَسَب ذَلِكَ وَمَا الدُّنْيَا كُلّهَا أَوَّلهَا وَآخِرهَا إِلَّا كَرَجُلٍ نَامَ نَوْمَة فَرَأَى فِي مَنَامه بَعْض مَا يُحِبّ ثُمَّ اِنْتَبَهَ. وَقَالَ اِبْن مَعِين : كَانَ أَبُو مِصْهَر يُنْشِد : وَلَا خَيْر فِي الدُّنْيَا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ اللَّه فِي دَار الْمَقَام نَصِيب فَإِنْ تُعْجِب الدُّنْيَا رِجَالًا فَإِنَّهَا مَتَاع قَلِيل وَالزَّوَال قَرِيب
كتب عشوائيه
- هداية المرتاب وغاية الحفاظ والطلاب في تبيين متشابه الكتابهداية المرتاب وغاية الحفاظ والطلاب في تبيين متشابه الكتاب، للعلامة علم الدين أبو الحسن علي بن محمد السخاوي - رحمه الله - : هو متن يساعد حُفاظ القرآن الكريم على ضبط حفظهم؛ فيضع قواعد لمتشابه الألفاظ، مما يُمكِّنهم من الإتقان دون مشقة كبيرة - إن شاء الله -، وتعتبر هذه المنظومة من أجمع ما نظم وكتب في هذا الموضوع، على سلاسة في نظمها، وظهور في معانيها ومقاصدها، وحسن في أدائها.
المؤلف : علي بن محمد السخاوي
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/289513
- عثرات الطريقعثرات الطريق : فإن الطريق إلى الدار الآخرة طويلة وشاقة.. لا تخلو من عثرة وغفلة.. ومن تأخر وزلة.. ولكل مسلم ومسلمة عثرة يعقبها استغفار وتوبة ورجوع وأوبة.. من عثرات الطريق إهمال الطاعات وإضاعة النوافل وإتيان المحرمات والمكروهات.. وعلم على ذلك.. إضاعة الأعمار والأوقات. والعثرات قلت أو كثرت تكون هاوية يصعب صعودها والخروج منها على من لم يتجهز ويستعد ويستنفد الوسع.. وربما تكون هذه العثرات فاتحة خير وطريق توبة.. وبداية انطلاقة للوصول إلى النهاية.. هناك حيث تغرب شمس الدنيا ويبدأ إشراق الآخرة.. في جنات عدن وروح وريحان. وفي هذه الرسالة بيان بعض العثرات مع كيفية علاجها.
المؤلف : عبد الملك القاسم
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/228771
- صلاة الجماعة في ضوء الكتاب والسنةصلاة الجماعة في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في «صلاة الجماعة» بيّنت فيها: مفهوم صلاة الجماعة، وحكمها، وفوائدها، وفضلها، وفضل المشي إليها، وآداب المشي إليها، وانعقادها باثنين، وإدراكها بركعة، وأن صلاة الجماعة الثانية مشروعة لمن فاتته صلاة الجماعة الأولى مع الإمام، وأن من صلى ثم أدرك جماعة أعادها معهم نافلة، وأن المسبوق يدخل مع الإمام على أي حال وجده، ولكن لا يعتد بركعة لا يدرك ركوعها، ويصلي ما بقي من صلاته إذا سلم إمامه. وقرنتُ كلَّ مسألة بدليلها».
المؤلف : سعيد بن علي بن وهف القحطاني
الناشر : المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1922
- مختصر رياض الصالحينمختصر رياض الصالحين: في هذه الصفحة عدة مختصرات لكتاب رياض الصالحين للإمام المحدث الفقيه أبي زكريا يحيى بن شرف النووي المتوفى سنة 676هـ - رحمه الله - وهو من الكتب المهمة لاشتماله على أهم ما يحتاجه المسلم في عباداته وحياته اليومية.
المؤلف : أبو زكريا النووي
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/344715
- الأذكار النووية [ حلية الأبرار وشعار الأخيار في تلخيص الدعوات والأذكار ]الأذكار النووية : في هذه الصفحة نسخة الكترونية مفهرسة، تتميز بسهولة التصفح والوصول إلى المعلومة من كتاب الأذكار النووية المسمى: « حلية الأبرار وشعار الأخيار في تلخيص الدعوات والأذكار المستحبة بالليل والنهار »، وقد تميّز هذا السفر المبارك بانتشاره الواسع في آفاق الدنيا حتى لا يكاد يخلو بيت مسلم منه، فضلاً عن طالب علمٍ، وهو الذي قيل فيه: ( بعِ الدار واشترِ الأذكار ). فإن قارئه يجد فيه من الفوائد الكثير الطيب المبارك مع غاية التحقيق والإتقان؛ فإنه قد حوى: العقيدة والفقه والحديث والسلوك وغير ذلك، كل ذلك مع التحري والضبط، وحسن العرض، ووضوح العبارة. وقد جمع فيه ثلاث مئةٍ وستة وخمسين باباً، ابتدأ فيه بالذكر، وختم ذلك بالاستغفار. وقد خدمه كبار العلماء، كالحافظ ابن حجر العسقلاني في « أماليه »، وشرحه الحافظ ابن علان المكي بـ « الفتوحات الربانية »، ولخصه السيوطي في « أذكار الأذكار » وشرحه، وللشهاب الرملي أيضاً « مختصر الأذكار ». • نبشر الزوار الكرام بأنه قد تم ترجمة الكتاب إلى عدة لغات عالمية وقد أضفنا بعضاً منها في موقعنا islamhouse.com
المؤلف : أبو زكريا النووي
الناشر : موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2431