القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة آل عمران
فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) (آل عمران) 
" فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ : رَبّ إِنِّي وَضَعْتهَا أُنْثَى وَاَللَّه أَعْلَم بِمَا وَضَعَتْ " قُرِئَ بِرَفْعِ التَّاء عَلَى أَنَّهَا تَاء الْمُتَكَلِّم وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَام قَوْلهَا وَقُرِئَ بِتَسْكِينِ التَّاء عَلَى أَنَّهُ مِنْ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " وَلَيْسَ الذَّكَر كَالْأُنْثَى " أَيْ فِي الْقُوَّة وَالْجَلَد فِي الْعِبَادَة وَخِدْمَة الْمَسْجِد الْأَقْصَى " وَإِنِّي سَمَّيْتهَا مَرْيَم " فِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز التَّسْمِيَة يَوْم الْوِلَادَة كَمَا هُوَ الظَّاهِر مِنْ السِّيَاق لِأَنَّهُ شَرْع مَنْ قَبْلنَا وَقَدْ حُكِيَ مُقَرَّرًا وَبِذَلِكَ ثَبَتَتْ السُّنَّة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ " وُلِدَ لِي اللَّيْلَة وَلَد سَمَّيْته بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيم " أَخْرَجَاهُ وَكَذَلِكَ ثَبَتَ فِيهِمَا أَنَّ أَنَس بْن مَالِك ذَهَبَ بِأَخِيهِ حِين وَلَدَتْهُ أُمّه إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ فَحَنَّكَهُ وَسَمَّاهُ عَبْد اللَّه . وَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ : أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُول اللَّه وُلِدَ لِي اللَّيْلَة وَلَد فَمَا أُسَمِّيه ؟ قَالَ " سَمِّ اِبْنك عَبْد الرَّحْمَن " وَثَبَتَ فِي الصَّحِيح أَيْضًا : أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ أَبُو أَسِيد بِابْنِهِ لِيُحَنِّكَهُ فَذَهِلَ عَنْهُ فَأَمَرَ بِهِ أَبُوهُ فَرُدَّ إِلَى مَنْزِلهمْ فَلَمَّا ذَكَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِس سَمَّاهُ الْمُنْذِر فَأَمَّا حَدِيث قَتَادَة عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ عَنْ سَمُرَة بْن جُنْدُب أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " كُلّ غُلَام مُرْتَهِن بِعَقِيقَتِهِ يُذْبَح عَنْهُ يَوْم السَّابِع وَيُسَمَّى وَيُحْلَق رَأْسه " فَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَد وَأَهْل السُّنَن وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيّ وَرَوَى وَيُدَمَّى وَهُوَ أَثْبَت وَأَحْفَظ وَاَللَّه أَعْلَم . وَكَذَا مَا رَوَاهُ الزُّبَيْر بْن بَكّار فِي كِتَاب النَّسَب أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ وَلَده إِبْرَاهِيم وَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيم فَإِسْنَاده لَا يَثْبُت وَهُوَ مُخَالِف لِمَا فِي الصَّحِيح وَلَوْ صَحَّ لَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ اُشْتُهِرَ اِسْمه بِذَلِكَ يَوْمئِذٍ وَاَللَّه أَعْلَم وَقَوْله إِخْبَارًا عَنْ أُمّ مَرْيَم أَنَّهَا قَالَتْ " وَإِنِّي أُعِيذهَا بِك وَذُرِّيَّتهَا مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيم " أَيْ عَوَّذْتهَا بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ شَرّ الشَّيْطَان وَعَوَّذْت ذُرِّيَّتهَا وَهُوَ وَلَدهَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَاسْتَجَابَ اللَّه لَهَا ذَلِكَ كَمَا قَالَ عَبْد الرَّزَّاق أَنْبَأَنَا مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ اِبْن الْمُسَيِّب عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى " مَا مِنْ مَوْلُود يُولَد إِلَّا مَسَّهُ الشَّيْطَان حِين يُولَد فَيَسْتَهِلّ صَارِخًا مِنْ مَسّه إِيَّاهُ إِلَّا مَرْيَم وَابْنهَا " ثُمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة اِقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ " وَإِنِّي أُعِيذهَا بِك وَذُرِّيَّتهَا مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيم " أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيث عَبْد الرَّزَّاق وَرَوَاهُ اِبْن جَرِير عَنْ أَحْمَد بْن الْفَرَج عَنْ بَقِيَّة عَنْ الزُّبَيْدِيّ عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيث قَيْس عَنْ الْأَعْمَش عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا مِنْ مَوْلُود إِلَّا وَقَدْ عَصَرَهُ الشَّيْطَان عَصْرَة أَوْ عَصْرَتَيْنِ إِلَّا عِيسَى اِبْن مَرْيَم وَمَرْيَم " ثُمَّ قَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَإِنِّي أُعِيذهَا بِك وَذُرِّيَّتهَا مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيم " وَمِنْ حَدِيث الْعَلَاء عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَرَوَاهُ مُسْلِم عَنْ أَبِي الطَّاهِر عَنْ اِبْن وَهْب عَنْ عَمْرو بْن الْحَارِث عَنْ أَبِي يُونُس عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَرَوَاهُ اِبْن وَهْب أَيْضًا عَنْ اِبْن أَبِي ذِئْب عَنْ عَجْلَان مَوْلَى الْمِشْعَل عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَرَوَاهُ مُحَمَّد بْن إِسْحَق عَنْ يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن قُسَيْط عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ بِأَصْلِ الْحَدِيث وَهَكَذَا رَوَاهُ اللَّيْث بْن سَعْد عَنْ جَعْفَر بْن رَبِيعَة عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن هُرْمُز الْأَعْرَج قَالَ : قَالَ أَبُو هُرَيْرَة قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى " كُلّ بَنِي آدَم يَطْعُن الشَّيْطَان فِي جَنْبه حِين تَلِدهُ أُمّه إِلَّا عِيسَى اِبْن مَرْيَم ذَهَبَ يَطْعُن فَطَعَنَ بِالْحِجَابِ " .
كتب عشوائيه
- الثغور الباسمة في مناقب سيدتنا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلمالثغور الباسمة في مناقب سيدتنا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهذا جزءٌ لطيفٌ .. للإمام العالم، صاحب العلوم والفنون جلال الدين السيوطي - رحمه الله -، سال قلمه حبًّا لأهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسطَّر هذه الكلمات الرائعات، وجمع هذه الأحاديث المباركات، في فضائل سيدة نساء أهل الجنات، زوج عليٍّ أبي تُراب، وأم الريحانتين الحسن والحسين - رضي الله تعالى عن الجميع -، والتي سمَّاها: «الثغور الباسمة في مناقب سيدتنا فاطمة ابنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم».
المؤلف : جلال الدين السيوطي
المدقق/المراجع : حسن الحسيني
الناشر : جمعية الآل والأصحاب http://www.aal-alashab.org
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/335472
- أوضح المسالك إلى أحكام المناسكقال المؤلف - رحمه الله -: « فهذا منسك جامع لكثير من أحكام الحج والعمرة ومحتويًا على كثير من آداب السفر من حين يريد السفر إلى أن يرجع إلى محله موضحًا فيه ما يقوله ويفعله ».
المؤلف : عبد العزيز بن محمد السلمان
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2562
- المأثورات من الأذكار والدعوات في الصلواتالمأثورات من الأذكار والدعوات في الصلوات: جملة من الأذكار والدعوات الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة في جميع أركانها وهيئاتها وبعد الصلاة.
المؤلف : عبد الله بن صالح القصير
الناشر : شبكة الألوكة http://www.alukah.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/330465
- إغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات قبل هجوم هادم اللذات ومشتت الشمل ومفرق الجماعاتقال المؤلف - رحمه الله -: « فإن الله جل جلاله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ويخشوه ويخافوه ونصب لهم الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه، ويخافوه خوف الإجلال والتعظيم. وذكر جل وعلا شدة عذابه ودار عقابه التي أعدها لمن نبذ أمره وعصاه ليتقوه بصالح الأعمال، ودعا عباده إلى خشيته وتقواه والمسارعة إلى امتثال ما يأمر به ويحبه ويرضاه، واجتناب ما ينهى عنه ويكرهه وياباه. وبعد فقد عزمت - إن شاء الله تعالى - أن أجمع من كلام الله - جل جلاله وتقدست أسماؤه -، ومن كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومن كلام أهل العلم، ما يحثني وإخواني المسلمين على التأهب والاستعداد لما أمامنا، من الكروب والشدائد والأهوال والأمور العظائم والمزعجات المقلقات الصعاب. وسميت هذا الكتاب ( اغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات قبل هجوم هادم اللذات ومشتت الشمل ومفرق الجماعات ) ».
المؤلف : عبد العزيز بن محمد السلمان
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2552
- الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاةالدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة: يتكون هذا الكتاب من جزئين: الجزء الأول: يحتوي على 150 درسًا يوميًّا للدعاة والخطباء وأئمة المساجد للقراءة على المصلين. الجزء الثاني: يحتوي على 100 درسًا. - قدَّم للكتاب مجموعة من المشايخ، وهم: الشيخ عبد العزيز الراجحي، والشيخ ناصر بن سليمان العمر، والشيخ سعد بن عبد الله الحُميد، والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن السعد - حفظهم الله تعالى -.
المؤلف : أمين بن عبد الله الشقاوي
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/197324












