خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ (48) (البقرة) mp3
لَمَّا ذَكَّرَهُمْ تَعَالَى بِنِعَمِهِ أَوَّلًا عَطَفَ عَلَى ذَلِكَ التَّحْذِير مِنْ طُول نِقَمه يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ : " وَاتَّقُوا يَوْمًا " يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة لَا تَجْزِي نَفْس عَنْ نَفْس شَيْئًا أَيْ لَا يُغْنِي أَحَد عَنْ أَحَد كَمَا قَالَ " وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى " وَقَالَ : " لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيه " وَقَالَ : " يَا أَيُّهَا النَّاس اِتَّقُوا رَبّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَده وَلَا مَوْلُود هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِده شَيْئًا " فَهَذَا أَبْلَغ الْمَقَامَات أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَالِد وَوَلَده لَا يُغْنِي أَحَدهمَا عَنْ الْآخَر شَيْئًا وَقَوْله تَعَالَى " وَلَا يُقْبَل مِنْهَا شَفَاعَة " يَعْنِي مِنْ الْكَافِرِينَ كَمَا قَالَ " فَمَا تَنْفَعهُمْ شَفَاعَة الشَّافِعِينَ" وَكَمَا قَالَ عَنْ أَهْل النَّار " فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلَا صَدِيق حَمِيم " وَقَوْله تَعَالَى " وَلَا يُؤْخَذ مِنْهَا عَدْل " أَيْ لَا يُقْبَل مِنْهَا فَدَاء كَمَا قَالَ تَعَالَى " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّار فَلَنْ يُقْبَل مِنْ أَحَدهمْ مِلْء الْأَرْض ذَهَبًا وَلَوْ اِفْتَدَى بِهِ " وَقَالَ " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْض جَمِيعًا وَمِثْله مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَاب يَوْم الْقِيَامَة مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَاب أَلِيم " وَقَالَ تَعَالَى " وَإِنْ تَعْدِل كُلّ عَدْل لَا يُؤْخَذ مِنْهَا " وَقَالَ " فَالْيَوْم لَا يُؤْخَذ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمْ النَّار هِيَ مَوْلَاكُمْ" الْآيَة . فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِرَسُولِهِ وَيُتَابِعُوهُ عَلَى مَا بَعَثَهُ بِهِ وَوَافَوْا اللَّه يَوْم الْقِيَامَة عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعهُمْ قَرَابَة قَرِيب وَلَا شَفَاعَة ذِي جَاه وَلَا يُقْبَل مِنْهُمْ فِدَاء وَلَوْ بِمِلْءِ الْأَرْض ذَهَبًا كَمَا قَالَ تَعَالَى " مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِي يَوْم لَا بَيْع فِيهِ وَلَا خُلَّة وَلَا شَفَاعَة " وَقَالَ " لَا بَيْع فِيهِ وَلَا خِلَال " قَالَ : سُنَيْد حَدَّثَنِي حَجَّاج حَدَّثَنِي اِبْن جُرَيْج قَالَ : قَالَ مُجَاهِد قَالَ اِبْن عَبَّاس " وَلَا يُؤْخَذ مِنْهَا عَدْل " قَالَ بَدَل وَالْبَدَل الْفِدْيَة وَقَالَ السُّدِّيّ أَمَّا عَدْل فَيُعَدُّ لَهَا مِنْ الْعَدْل يَقُول لَوْ جَاءَتْ بِمِلْءِ الْأَرْض ذَهَبًا تَفْتَدِي بِهِ مَا تُقَبِّل مِنْهَا وَكَذَا قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله " وَلَا يُقْبَل مِنْهَا عَدْل " يَعْنِي فِدَاء قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مَالِك وَالْحَسَن وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَقَتَادَة وَالرَّبِيع بْن أَنَس نَحْو ذَلِكَ وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيّ عَنْ الْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي حَدِيث طَوِيل قَالَ وَالصَّرْف وَالْعَدْل التَّطَوُّع وَالْفَرِيضَة وَكَذَا قَالَ الْوَلِيد بْن مُسْلِم عَنْ عُثْمَان بْن أَبِي الْعَاتِكَة عَنْ عُمَيْر بْن هَانِئ وَهَذَا الْقَوْل غَرِيب هَاهُنَا وَالْقَوْل الْأَوَّل أَظْهَر فِي تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة وَقَدْ وَرَدَ حَدِيث يُقَوِّيه وَهُوَ مَا قَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنِي نَجِيح بْن إِبْرَاهِيم حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن حَكِيم حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرو بْن قَيْس الْمُلَائِيّ عَنْ رَجُل مِنْ بَنِي أُمَيَّة مِنْ أَهْل الشَّام أَحْسَن عَلَيْهِ الثَّنَاء قَالَ قِيلَ يَا رَسُول اللَّه مَا الْعَدْل ؟ قَالَ " الْعَدْل الْفِدْيَة " وَقَوْله تَعَالَى " وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ " أَيْ وَلَا أَحَد يَغْضَب لَهُمْ فَيَنْصُرهُمْ وَيُنْقِذهُمْ مِنْ عَذَاب اللَّه كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَعْطِف عَلَيْهِمْ ذُو قَرَابَة وَلَا ذُو جَاه وَلَا يُقْبَل مِنْهُمْ فِدَاء هَذَا كُلّه مِنْ جَانِب التَّلَطُّف وَلَا لَهُمْ نَاصِر مِنْ أَنْفُسهمْ وَلَا مِنْ غَيْرهمْ كَمَا قَالَ" فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّة وَلَا نَاصِر " أَيْ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَقْبَل فِيمَنْ كَفَرَ بِهِ فِدْيَة وَلَا شَفَاعَة وَلَا يُنْقِذ أَحَدًا مِنْ عَذَابه مُنْقِذ وَلَا يُخَلِّص مِنْهُ أَحَد وَلَا يُجِير مِنْهُ أَحَد كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَهُوَ يُجِير وَلَا يُجَار عَلَيْهِ " وَقَالَ " فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّب عَذَابه أَحَد وَلَا يُوثِق وَثَاقه أَحَد " وَقَالَ " مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ بَلْ هُمْ الْيَوْم مُسْتَسْلِمُونَ" وَقَالَ " فَلَوْلَا نَصَرَهُمْ الَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُون اللَّه قُرْبَانًا آلِهَة بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ " الْآيَة وَقَالَ : الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى " مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ" مَا لَكُمْ الْيَوْم لَا تُمَانِعُونَ مِنَّا هَيْهَاتَ لَيْسَ ذَلِكَ لَكُمْ الْيَوْم قَالَ اِبْن جَرِير وَتَأْوِيل قَوْله " وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ " يَعْنِي أَنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ لَا يَنْصُرهُمْ نَاصِر كَمَا لَا يَشْفَع لَهُمْ شَافِع وَلَا يُقْبَل مِنْهُمْ عَدْل وَلَا فِدْيَة بَطَلَتْ هُنَالِكَ الْمُحَابَاة وَاضْمَحَلَّتْ الرُّشَى وَالشَّفَاعَات وَارْتَفَعَ مِنْ الْقَوْم التَّنَاصُر وَالتَّعَاوُن وَصَارَ الْحُكْم إِلَى الْجَبَّار الْعَدْل الَّذِي لَا يَنْفَع لَدَيْهِ الشُّفَعَاء وَالنُّصَرَاء فَيَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ مِثْلهَا وَبِالْحَسَنَةِ أَضْعَافهَا وَذَلِكَ نَظِير قَوْله تَعَالَى " وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ بَلْ هُمْ الْيَوْم مُسْتَسْلِمُونَ " .

كتب عشوائيه

  • تعظيم التوحيد في نفوس الصغارفي هذه الرسالة بيان أهمية تعظيم التوحيد في نفوس الصغار.

    المؤلف : عبد العزيز بن محمد السدحان

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/233607

    التحميل :

  • ثم شتان [ دراسة منهجية في مقارنة الأديان ]ثم شتان [ دراسة منهجية في مقارنة الأديان ] : في هذه الدراسة بعد المقدمة قسم نظري للتعريف بالأحوال النبوية والكتب الإلهية، ثم التعريف بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وجوانب من حياته وأخلاقه من خلال عرض جزء لا يزيد عن الواحد في الألف مما روي عنه، يستطيع من خلالها العاقل أن يحكم على شخصية النبي محمد. - أما القسم الثاني من هذه الدراسة فقد تناول الجوانب التطبيقية والمقارنات الواقعية الفعلية مع النصوص القرآنية والنبوية من خلال مائة وتسعة وتسعين شتان.

    المؤلف : محمود عبد الرازق الرضواني

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/192674

    التحميل :

  • تذكير الخلق بأسباب الرزقتذكير الخلق بأسباب الرزق : في هذه الرسالة بيان بعض أسباب الرزق، ثم بيان الحكمة في تفاوت الناس في الرزق.

    المؤلف : عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/209177

    التحميل :

  • الإمام ابن باز دروس ومواقف وعبرالإمام ابن باز دروس ومواقف وعبر : الرحلة في طلب العلم رحلة مليئة بالذكريات والمواقف، تبتدئ من المحبرة وتنتهي في المقبرة، يُستقى فيها من معين الكتاب والسنة علوم شتى، ولما كان طلاب العلم يتشوقون إلى معرفة سير علمائهم؛ فقد حرصنا على توفير بعض المواد التي ترجمت لهم، ومنها كتاب الإمام ابن باز دروس ومواقف وعبر، للشيخ عبد العزيز السدحان.

    المؤلف : عبد العزيز بن محمد السدحان

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/307930

    التحميل :

  • الصلاة في ضوء الكتاب والسنةالصلاة في ضوء الكتاب والسنة: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «فبعد أن انتهيتُ من تصنيفِ كتابي «فقه الكتاب والسنة» رأيتُ أن أُفرِد مُصنَّفًا خاصًّا بأحكام الصلاة، لشدة الحاجةِ إليها، فقمتُ بوضعِ هذا الكتاب، .. وقد توخَّيتُ فيه سهولةَ العبارة، والبُعد عن الخِلافات المذهبيَّة، ودعَّمتُ أحكامَه بالآياتِ القرآنية، والأحاديث النبوية».

    المؤلف : محمد سالم محيسن

    الناشر : موقع الدكتور محمد محيسن http://www.mehesen.com

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/384410

    التحميل :

اختر التفسير

اختر سوره

كتب عشوائيه

اختر اللغة

المشاركه

Bookmark and Share